المغرب..
"صومعة حسان" شاهد على عظمة العمارة الإسلامية
في محاولة البحث عن صور للمعالم السياحية، أو التاريخية
الإسلامية، أو الثقافية، في المغرب، من خلال محرك البحث على الشبكة الإلكترونية
"جوجل"، تجد بين صور هذه المعالم بناية بنية اللون مستطيلة الشكل، تشير
بحسب تصميمها إلى أنها تعود لحقبة تاريخية معينة.
وعند البحث لمعرفة معلومات حول ذلك الأثر، يتبين أنها
"صومعة حسان"، إحدى المباني التاريخية الرائعة الموجودة في مدينة الرباط
عاصمة المغرب. شُيدت في العصر المعروف بعصر دولة الموحدين، في عام 1197 ميلادية.
وتعد صومعة حسان جزءاً من مسجد حسان، الذي يعد من أفخم
وأكبر المساجد في العالم العربي والإسلامي.
ويقع مسجد حسان على أراضٍ منحدرة ترتفع عن البحر بما
يقارب الثلاثين متراً في شمال شرقي مدينة الرباط.
وسمي المسجد باسم "مسجد حسان" الذي نالت
الصومعة تسميته نفسها، نسبةً إلى قبيلة تدعى "بنو الحسان"؛ كانوا يقطنون
إقليم الرباط في ذلك الوقت.
وصومعة حسان من أعظم الصومعات التي تدل على عظمة المسجد
وفخامته، كما أنها تعد الشقيقة الثالثة لكل من صومعة الكتيبة بمراكش، وصومعة
الخيرالدا في إشبيلية.
وجامع حسان، بوشر ببنائه بأمر من السلطان يعقوب المنصور،
وكان يُعدّ من أكبرها في ذلك العصر، لكن بناء الجامع توقف بعد وفاة السلطان يعقوب
عام 1199، ومن ثم تهدم واندثر خلال عام 1755؛ بعد الزلزال الذي ضرب الرباط وقتها.
وما تزال آثار المسجد موجودة حتى اليوم، وهي تشير إلى
مدى ضخامة حجم المبنى الأصلي الذي كان فيه، إذ قدر المؤرخون مساحة هذا المسجد بنحو
2550 متراً مربعاً.
وتعّد صومعة حسان نقطة جذب للعديد من الزوار والسياح؛
وذلك لما تمثله من رمز إسلامي معماري أصيل، كما أنها ذات قيمة تراثية وحضارية
مشرفة على المحيط الأطلسي.
وتضم ساحة الصومعة العديد من الأعمدة الرخامية ذات الشكل
الدائري، المنحوتة بشكل جميل وجذاب، بالإضافة للعديد من النوافير المزينة بأشكال
ورسومات إسلامية تعكس صورة واضحة وحية عن الفن الإسلامي الراقي، كما يوجد لها
بابان رئيسان، ويقف أمام كل باب فارسان مغربيان يرتديان الملابس المغربية
التراثية، ويمتطيان حصانين.
ويبلغ ارتفاع صومعة حسان نحو 44 متراً، وتتخذ الشكل
المربع، ولها مطلع ملتوٍ داخلي؛ يسهل الوصول إلى الجزء العلوي منها، وخلال الصعود
يمرّ هذا المطلع على ست غرف طابقية.
وزينت الجدران الأربعة أو الواجهات الخارجية من الصومعة
بنقوش جميلة وزخارف رائعة، تعود في تشكيلها إلى النمط المغربي الأندلسي من القرن
الثاني عشر.
وفي المكان المحيط بالصومعة حديقة جميلة، ونوافير صممت
بصورة تقليدية، والعديد من المصابيح القديمة التقليدية، تمنح زائر الصومعة في
الليل رؤية سحر التراث.
يصل عرض جدار المنارة إلى نحو 2.5 متر؛ وذلك بهدف
الإبقاء على توازن البناء، وعرض السور يبلغ 1.5 متر، ويعلو إلى تسعة أمتار، وهنا
يوجد نمط هندسي مختلف ومميز في بناء المسجد هذا عن باقي المساجد المغربية؛ إذ إن
المنارة تتقابل مع المحراب بخط مستقيم على عكس باقي المنارات هناك، التي توضع في
أحد الركنين المقابلة لجدار المحراب.
أما عن عرض جوانب المنارة فهي تبلغ 16 متراً، وبالنسبة
للارتفاع فآراء الخبراء اختلفت في تقديرها؛ إذ يقدرها البعض بنحو 65 متراً، والبعض
الآخر بنحو 80 متراً.
واستخدم نوع من الحجارة يدعى بالصلد في البناء. واختير
موقع بناء الصومعة بناءً على قوة تحمل المكان لها، إضافة إلى عدة أمور أخرى؛
فالموقع متين، ويستطيع تحمل الوزن والثقل الكبير للصومعة، وأثبت ذلك طبيعياً
بواسطة الزلزال الذي ضرب الرباط عام 1755، فلولا قوة الأرض ومتانتها ومتانة البناء
لكانت اندثرت هذه الصومعة ومنارتها، كما حصل مع باقي البناء من قوة الزلزال.