jeudi 22 février 2018

كرم عثمان بن عفان

قد شهد التاريخ مواقف مميزة لهذه الشخصية العظيمة نلمس بعضا منها حين هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام مع أصحابه إلى المدينة فصادفتهم مشكلة الماء, وكان بها عين تفيض بماء عذب تدعى بئر رومة يملكها يهودي يبيع ملء القربة بمد. فتمنى الرسول عليه الصلاة والسلام لو يجد بين أصحابه من يشتريها حتى يستفيد منها المسلمون بغير ثمن, فلبى عثمان رغبته وعرض على اليهودي أن يبيعها له فأبى . فساومه في النصف فاشتراه باثني عشر ألف درهم على أن تكون لليهودي يوما ولعثمان يوما , فكان المسلمون يستسقون في يوم عثمان ما يكفيهم ليومين , فاضطر اليهودي لبيعه النصف الآخر بعدما وجد نفسه أنه لن يجني شيئا سوى الخسارة. فارتوى جميع أهل المدينة بغير ثمن من مائها العذب.
ومن المواقف المميزة أيضا لهذه الشخصية ما وقع حينما تزايد عدد المسلمين في المدينة وضاق المسجد بهم , فتمنى الرسول عليه الصلاة والسلام لو يجد بين أصحابه من يشتري الرقعة المجاورة له كي تضم للمسجد, ويزداد بها اتساعا. فاشتراها عثمان رضي الله عنه.
وفي العام التاسع للهجرة قرر هرقل الزحف بجيشه إلى الأمة الإسلامية في ديارها فوصلت الأنباء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ونادى أصحابه بالتهيؤ للجهاد. وبسبب ما كانت تعانيه البلاد من جدب وعسرة وحر قاتل , حض الرسول أصحابه على التبرع لتجهيز الجيش الذي عرف آنذاك بجيش العسرة ورغم ما تبرعوا به إلا أن ذلك لم يكن كافيا , فنظر الرسول إلى الصفوف الطويلة وقال : ( من يجهز هؤلاء, ويغفر الله له ؟).
وما كاد عثمان يسمع النداء حتى سارع إلى مغفرة من الله ورضوانه. يقول ابن شهاب الزهري : ( قدم عثمان لجيش العسرة في غزوة تبوك تسعمائة وأربعين بعيرا , وستسن فرسا , أتم بها الألف). وقال أيضا عبد الرحمن بن عوف : ( شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاءه عثمان بن عفان في جيش العسرة بسبعمائة أوقية من الذهب.)
ومضى الرسول بجيشه حتى وصلوا تبوك في منتصف الطريق بين المدينة ودمشق. وهناك وصلته الأخبار بأن الإمبراطور تراجع وغادر دمشق فحمد الرسول ربه أن كفى المسلمين القتال.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire